تدور في مخيلة شبابنا سبعة اسئلة قد وجد بعضهم صعوبة في الرد عليها دفاعا عن المشروع الاصلاحي الكبير والذي يحد من الفساد ونهب المال العام ويؤدي الى التمثيل السياسي والحد من هيمنة الحكم الاسري الذي اسر القرار الشعبي وصادر حقه في صنع القرار ويبشر بتوزيع عادل للثروة النفطية والقضاء على سياسة المكارم الملكية والتسول عند عتبات القصور الملكية وفتح باب الحريات المدنية والسياسية وغيرها من حزمة الاصلاحات التي طالب بها الكثيرون من خلال عرائض على مدى اكثر من عقد كامل.
السؤال الاول كيف نرد على مقولة الامن والامان التي تنعم بها السعودية والتي يلوحها النظام في وجه من يطالب بالاصلاح. يأتي الجواب على شكل صياغة لماهية الانسان حيث انه لا يعيش في كهف مسور وظلمة دامسة وعتمة قاتمة بل يحتاج الى بصيص نور ومساحة حرية تجعله يتنفس معنى الانسانية فالسجين في مأمن خلف قضبان زنزانته لا يعتدي عليه سوى السجان او افراد الزنزانة ان هو تواجد مع مجموعة كبيرة فكيف بهذا الامان المزعوم ان يكون ذريعة لتجاوز المطالب الاصلاحية الملحة وكيف على الانسان في الجزيرة العربية ان يقبل باصلاح قد يجلب معه تغيرات مرتقبة وهل يقبل بسجن كبير آمن الا من تعديات السجان الكبير وتطاوله على ابسط الحقوق الانسانية. وهل هذا الامان المطلوب الذي يكون عوضا عن الاصلاح السياسي الكبير؟ السؤال الثاني لماذا نطالب بالاصلاح السياسي ونحن افضل من غيرنا؟ وبماذا نحن افضل؟ هل بعدد العاطلين عن العمل حيث نتصدر قائمة الدول في احصائيات البطالة بعد قطاع غزة والعراق المحتل؟ هل نحن افضل عندما لا يمتلك اكثر من 70% من السعوديين منزلا يؤويهم؟ وهل نحن افضل عندما يتعثر حلم شبابنا بالزواج بسبب ارتفاع المهور والتضخم وارتفاع اسعار حتى المواد الغذائية بنسبة تزيد عن 40%.
وهل نحن افضل عندما نتصدر المرتبة الاولى في الفساد السياسي والاداري وانعدام حرية الانسان وهل نحن افضل عندما تكون جامعاتنا تتصدر المرتبة التحتية في قائمة الجامعات العربية رغم ما يصرف عليها من اموال طائلة وهل نحن افضل عندما تنهار المنازل فوق ساكنيها عند اول قطرة مطر وهل نحن افضل عندما نعتمد على اكثر من 6 ملايين عامل اجنبي في حالة البطالة المحلية؟ السؤال الثالث والذي يزج باخواننا الشيعة في اثارة الفتنة وجعلهم مسؤولين عن اي حراك سياسي تشهده البلاد ونقول لهم بيننا وبين الشيعة وطن واحد ودين واحد وان كان هناك خلاف فهو صنيعة النظام ونسأل اين هو خليفتنا حتى نقتتل عليه وكل ما عندنا حكم أسري يتمسح بالدين ويغازل قلوب الضعفاء باسطورة الخطر الشيعي والهلال المزعوم الذي يطل علينا كلما علت الاصوات المطالبة بالاصلاح فنعطل عقولنا ونشق صفوفنا ليبقى النظام مهيمنا على السلطة دون تبلور حركة وطنية شاملة تجمعنا مع الشيعة وغيرهم من الاقليات الدينية في الجزيرة العربية. وشيعتنا هم عربنا القدامى ولم يأتونا من بلاد فارس كما تزعم اساطير النظام. جذورهم في المدينة المنورة ومنها توزعوا في اطراف بلادنا وسيبقون عامل اثراء حضاري نفتخر به فليس من شيمنا الابادة الجماعية او الاكراه في الدين ولن يخيفنا هلالهم الذي تزعمه السلطة وابواقها لان حسينهم حسيننا وعليّهم علينا وخليفتنا وثورتهم على الطغيان والتجبر مصدر الهام لسنا وان اختلفنا معهم في بعض الامور الا ان حسم هذه لن يكون بأيدينا انما هي مشيئة ربانية شاءت لنا هذا التعدد والاختلاف. والسؤال الرابع يدور حول تأجيل الاصلاح تحت ذريعة الخوف من المتشددين المدعومين من الخارج كالقاعدة وامثالها والرد يستحضر اسباب التشدد والمسؤول عنها اليس النظام بسياسته المزدوجة ونفاقه هو الحاضر والمفرخ للتشدد والتزمت وحتى الارهاب ولم نكن يوما قتلة او مفجرين الا تحت مظلة النظام السعودي الذي يلوح بالسيف ويزمجر ويعربد حتى انه اتخذ من السيف علامة مسجلة تطبع على اعلامنا الوطنية تحت اسم الجلالة فربط نظامنا بين العنف والقتل تحت رمزية السيف وزج بالاسلام في مشروع الهيمنة السياسية تحت تلازم السيف مع كلمة لا اله الا الله محمد رسول الله وطعم ذلك بنخلة أزاحت من الوجود اكثر من نصف شعب الجزيرة الذي لم يمتلك يوما ما بستانا او حقلا ولم نكتف بسيف واحد بل التزمنا بمثنى يقرح احدهما الآخر.
والعنف لا يؤجل مشروع الاصلاح بل هو نتاج انعدام الاصلاح الذي يرتبط بطبيعة المجتمع وثوابته. اما مقولة ان العنف يأتينا من الخارج فنحن شعب ليس بالمغفل او الإمعة الذي يمشي مع التيار ولنا في ثقافتنا ما يمنعنا من مجاراة التيارات او استيرادها بل نحن من يصدر الفكر والثقافة ولنا في مسيرة الاسلام التاريخية موعظة حسنة يوم كنا اهل عزة وكرامة فمنحنا العالم تجربة فريدة اممية وليست ضيقة مقزمة لا تصلح الا في بيئة مغلقة. وكيف آلت بنا الايام حتى اصبحنا الفزاعة العالمية التي ترهب الآخرين الم يحدث ذلك تحت عباءة النظام الحالي ومسيرته الموتورة وسنعود لنشعشع من جديد بعد ازاحة اكبر مؤامرة على شعب الجزيرة العربية في عصرها الحاضر وسنقبض على جمرات ملتهبة مهما طال الانتظار لاننا أمة لا تقبل الا العزة والكرامة والحرية. والسؤال الخامس هو تحميل المؤامرة لنقيض هؤلاء وهم مجموعة تسمى بالعلمانية والليبرالية وهم نتاج جديد انتجته الآلة الاعلامية السعودية المملوكة من قبل النظام وان بحثتم عنها فستجدونها في خدر النظام وتحت تصرفه كشريحة يرهب بها الآخر المسمى بالمتشدد. وينقسم المجتمع الى قبيلة المتشددين ومقابلها العلمانيين وكأننا في حرب داحس والغبراء يغذيها النظام ويتفرج على سجالاتها لتكبر الهوة ويتوسع الشق ويبقى هو المراقب يخرس هذا ويطلق لسان ذاك في لعبة اصبحت معروفة للجميع. وهذه تصنيفات ومسميات لم تخرج الا بعد ان استتب الامر لسلطة قامعة تقصي الجميع ولا تهتم الا بهيمنتها وديمومة استئثارها بالقرار والفكر ومصادرة حريات الآخرين السياسية والمدنية.
والسؤال الاخير هو البطانة ومسؤوليتها عن كل شاردة وواردة وتحملها لكل فساد وسرقة ونهب للمال العام فأي حاكم هذا يا ترى الذي يعيش في برجه العاجي دون كلمة او هيبة او ارادة وكيف تصادره البطانة وهو حيّ يرزق الا اذا كان في حالة غيبوبة دائمة ينام النهار ويستفيق في المساء بعيدا عن رعيته التي تعبث بها شرذمة من البطانة او حزمة من حجاب القصور والمؤسسات. تحميل البطانة المسؤولية هروب من واقع أليم يعكس مدى تقلص مساحات النقد والمراجعة والشفافية والمحاسبة وتقوقع خلف اساطير هي من نسج النظام المقدس الالهي الذي لا يعترف بزلة او تقصير مدعوما بتراتيل الثناء والمباركة. ولم تعرف الجزيرة العربية حاكما مقدسا ولا قيصرا معصوما في تاريخها حتى لحظة اختطاف المجتمع من قبل حكم اسري يقدس ذاته ويفرض هذه القدسية على المجتمع بل يسن القوانين التي تجرم اي تشكيك في حكام اشبه ما يكونون بحكام اوروبا في قرونها الوسطى حيث تمتزج صكوك الغفران بمفاتيح الجنة وسوط القمع المتطور.
واخيرا يأتينا السؤال المفخخ الذي يعتبرنا قبائل همجية ستحترب وتتقاتل عند اول فرصة ضعف للنظام لذلك يجب تأجيل المشروع الاصلاحي حتى ننتخب ممثلنا حسب الايديولوجية وليس القبلية ولكن اين هي احزابنا وتياراتنا الفكرية وهل لها وجود تنظيمي معترف به رسميا ومشرعن قانونيا أليس من المحرمات ان نتحزب وننتمي الى تيار سياسي معين وكيف ننبذ هويتنا القبلية وكثير منا يرفض سمة السعودية المفروضة علينا والمفرغة من معناها وكيف نقنع شعب الجزيرة ان يتخلى عن قبيلته وينتمي الى قبيلة مسعودة فرضت عليه وان كان للقبيلة بعد اجتماعي عميق الجذور في الهوية المحلية الا ان القبلية السياسية لم نجربها بعد ولن نجربها ان فتحت لنا الابواب لننتمي الى تيارات فكرية وسياسية لها مشاريع نهضوية ابعد من القبيلة واطارها الضيق.
قبائلنا ستبقى معنا ولن نستبدلها بمفاهيم مفرغة من مضمونها تنسبنا الى قبيلة جديدة ذات مسمى لا يعنينا فشعبنا ليس مجموعة لقطاء او شريدة تنسب لمن يحكمها حسب الاهواء والمسميات الطارئة وستظل قبيلتنا ملاذنا حتى نستبدل هويتنا واسمنا المفروض علينا بما يعكس تمازجنا وجغرافيتنا التي ورثناها منذ الازل فنجدنا وحجازنا واحساءنا هي مسمياتنا التي نعرف بها ولن تمزجنا اغان ‘بايخة’ او ملاعب كرة قدم فارغة من هويتنا الحقيقية ونحن عرب الجزيرة منبع العرب عارمة وليس قبيلة جديدة اقترحها المبعوث البريطاني عام 1932. بهذه الاجوبة نصمد امام اساطير النظام وذرائعه التي تؤجل نهضتنا الحقيقية لنتمكن من اقتحام القرن الجديد بعزيمة الصابرين ورؤية المفكرين ونزاهة المسؤولين ونضارة شبابنا الذي ينتظر بفارغ الصبر مثل هذه النهضة حتى لا يظل في مؤخرة الامم يجتر الخطاب الاعلامي الذي ولد مع الحكم التسلطي الذي يؤجل النهضة ببرميل نفط وتراتيل الخنوع والعنجهية وحبر يسكب على صحافة فارغة ووجوه اعلامية مهمتها الرئيسية اجترار الاسئلة السبعة السابقة الذكر.